الفصل الثاني أحداث غريبة
في صباح اليوم التالي و تحديداً الساعة التاسعة , ضرب (خالد) بيده اليمنى
على هاتفه الوقح الذي يُصرّ على إيقاظه ثم نهض من على الفراش بكسل ليمارس طقوسه
المعتادة التي تجعله جاهراً للرحيل, و بعد ما أغلق باب الشقَّة تاركاً ذويه نائمين
في مشهد أهل الكهف وصله اتصال تليفوني من صديقه المقيم في العقار المواجه.
- - ألو
- - ألوووو , إيه يا عم خالد عاش من شافك
- - حاااج مصطفاااا ليك واحشة والله
- - و الله انت أكتر مش هاتيجي تفتح المكتبة ولا إيه أنا
مستنيك قدامها أهو عايزين نقعدو مع بعضينا شوية
- - انت ياعم أنا قولتلك كام مرة تبطل البانجو الي بتشربو ؟
- - كتييير , بس ليه بتقول كدا !
- - احنا مش كنا مع بعض امبارح في مركز الصيانة بتاعك !!, و
عمال تقولي عاش من شافك وأنا أقولك واحشني
- - هاهاهاها معلش بقى استحملني , صحيح الويندوز عامل معاك
إيه ؟
- - والله مافتحتوش لما رجعت , وبصراحة خايف اتصدم من عمايلك
السودة
- - لا لا عيب عليك ده أنا قديم
- - طب ياعم القديم أنا طالع على الكلية قولت أحـ.....
- - أيه ده !!!!!!!!!!!! , انت بتتكلم جد و النبي أكابتن
!!!؟؟
- ربنا نفخ في صورتك و هاتتفضل إكراماً منك تحضر المحاضرة !!!!!؟
- - أيوا يلا بقا يدوبك نلحق , سلام
- - سلام
أنهى (خالد) المكالمة , يبدو أنه قد نسي أمر كابوسه المُخيف أو تناسى , لكن
هاتفه المحمول أبا إلِّا أن يذكره بالأمر
- - إيه دا !!..............كل دي رسايل!!
وابل من الرسائل
انهال على الهاتف بينما يقف هو في الترام بجانب النافذة و قد نال الخوف منه , كل
الرسائل تحمل عبارة واحدة "أنقِذ صديقك أيها الشاب" من الشخص الوقح الذي
أغدقت عليه شركة المحمول هذا الكم الهائل من الرصيد حتى يقوم بإرسال عدد كبير من
الرسائل كهذا !! , كان من المُستحيل أن يقنع صاحبنا نفسهُ بفكرة أنها محض دعابة من
أحد أصدقائه , فما أن حاول فعل ذلك حتى تمرّد عقله ضده و شرع يعيد عليه ما سَمِعهُ
في المنام
الأمر مفزع و
غامض !
هل قد نال الجنون
من (خالد) ؟
أم أن أحد
الشياطين العاطلين الذين لا يتحمّلون مسؤولية عمل أو دراسة يقضي وقته في العبث مع
صاحبنا !!
كان الترام يمر
بمحطات كثيرة و لم يهتم (خالد) قط بأن يعرف عددها , تدقيق النظر عبر النافذة في
المارّة و البائعين له متعة رائعة , خاصة عندما يكون هدف الراكب هو تضييع الوقت .
وصلنا إلى
(الشبان المسلمين) المحطة المجاورة للكلية , فأثبت صاحبنا معرفته بقوانين الفيزياء
عند نزوله من (طفطف المدينة) قبل أن يتوقّف , ثم اتّخذ سبيله شارداً للذهن ليس
بسبب الكابوس أو الهاتف , إنما هي مفاوضات شاقَّة سيعقدها مع أستاذ (أحمد) موظف (falcon) بنيانه المدرَّع و نظارته السواء جعلا منه رئيس عصابة فهو يعمل كبوابة
أخرى غير بوابة الكلية المعروفة , (خالد) يحمل وصله الأحمر الشهير ولا يضع
اهتماماً لما يسمّى بـبطاقة العضوية أو (الكرنيه) .
دخل من البوابة
بعد ما أنهى مفاوضاته بأكذوبة (هبقى أطلّع كرنيه) ثم صعد إلى قسمه حيث دلف قاعة
المحاضرة و توجهت الأنظار إليه من الجالسين بينما أمسك هو بمقعد يشبه الموجود في
مركز صيانة (مصطفى) و جلس على مقعد المقهى هذا في ملل , لا بد من أن إدارة الكلية
تؤهل الطلاب نفسياً للجلوس على المقاهي بعد التخرُّج , يختلس (خالد) النظرات بين
الحين و الآخر لزميلاته في الدفعة و لم ترق له أيّاً من هن , ثم توجهت عيناه لشخصٍ
دخل من الباب يرتدي بذلته العتيقة سرق شعره من(إينشتاين) قبل وفاته ليضعه فوق رأسه
, و يتطلع إلى الدنيا من خلال تلفازين هما نسخة من أول تلفاز تم اختراعه في
التاريخ .
أرجو مراجعة
ذكائك إذا كنت ممن توقعوا أن هذا (مصطفى) صديق (خالد) , من سلف وصفه هو دكتور
مادّة في قسم علم الاجتماع كل ما نعرفه عن هذه المادة أنها لا تفنى و لا تستحدث من
العدم , و في الوقت الذي قامت فيه الفتيات لتحية الدكتور و استنزاف بعضاً من وقت
المحاضرة معه , تذكر صاحبنا هاتفه اللعين ليتصل بصديقه الظلانطحي
- - ألو ! ..... ألوووو .. انت يابني !!!
- - ألو إيه يا خالد سامعك
- - إيه صوت الدوشة اللي عندك ده
- - أيوا .... اه أنا يابني متشعلق على الباب أهو , الشعب
كلّه قرر يجي الكلية انهاردة و كلهم قررو يركبو الترام
- - طب انت فين
-
أيوا ؟؟
- - فينك
- - أها أها .. أيوا بتقول أيه !!
- - أنت فيييييييييييييييييييييييين !!
- - هاهاها جنب شيزار أهو
- - جنب شيزار !! , طب اقفل اقفل
- - بقولك المحاضرة بدأت ؟
- - لا لسا مستنياك
- - طيب قولها ماتبدأش الا أما آجي , سلام
- - سلام
بدأت المحاضرة فور انتهاء المكالمة و بعد بدئها بقليل , دلف (مصطفى) القاعة
يلتمس الأعذار من الدكتور ليسمح له بالدخول. ثرثرة وراء ثرثرة , حكايات و روايات ,
الدحيحة يدونون وراء الدكتور بينما صاحبينا مستمتعان بالنسيم القادم من النافذة ,
ينتظران انتهاء المحاضرة , و يحبوا أمامهم الوقت مبرزاً لسانه معبّراً عن عدم إقدامه على الانتهاء.
بعد المحاضرة توجه الصديقان إلى الكافتريا و معهما لاب توب (خالد) , و في
الطريق قص الأخير على صديقه أمر الكابوس و الهاتف بينما ينهي (مصطفى) الكلام و
يضرب به عرض الحائط محاولاً التطرق لموضوعات أخرى دون أن يعرف (خالد) لماذا يفعل
صديقه ذلك!!.
0 تعليقات